السابق

نظرة على واقع التسويق العقاري

A look at real estate marketing

ما هو انطباعك عن التسويق العقاري في المملكة العربية السعودية اليوم؟

تدفع تقلبات الطلب والعوامل غير المتوقعة في سوق العقارات للحاجة إلى التنبؤ لتوجهات العملاء والمستثمرين، لذلك يحتاج المسوقون العقاريون أن يكونوا على استعداد تام، واتقان العديد من الأدوات التسويقية، والاستقراء بوعي لكل فترة.

 نستعرض في هذا المقال محور التسويق العقاري بين الحاضر والقديم.


التسويق العقاري التقليدي

التسويق العقاري في المفهوم التقليدي أن المسوق بائع لا دور له إلا في المرحلة الأخيرة من العملية التي خاضها المطورون والمهندسون في إنتاج المنتجات العقارية.

لأن مدار العملية كلها تتشبث بفكرة أن السكن، طالما من الاحتياجات الأساسية، فسيُرغَم المستهلك على الشراء لتحقيق هذه الحاجة، ولا داعي لبذل جهد تسويقي كبير إذا توحّد الطلب.

في الماضي كنا نستغرق في تساؤلاتنا للمستهلكين العقاريين و عمّا يُريدون وما الذي يحتاجونه ويفضلونه في مساكنهم، ولا نجد إجابة واضحة، لكن اليوم تغيرت الإجابة تمامًا.. فما السبب؟

التحول الكبير في متطلبات المستهلك اليوم، بعد جائحة كورونا، يعد تغيير جذري على متطلبات الوحدات السكنية مؤخرًا بعد أن أدرك الكثير حال مساكنهم، حيث كانت تخصص أجزاء ليست بالقليلة من مسكنها للضيوف، ومنها نتج التقسيم للمساكن مع مساحات مهدرة يمكن الاستفادة منها. 

وبسبب التحول التقني لبعض الشركات إلى نظام العمل عن بعد، بدأت الفكرة تأخذ جديتها في تكوين مساحات مكتبية للعمل والدراسة في المنزل والاستفادة من المساحات الخارجية كمتنفس في فترات الراحة وخلق أجواء ممتعة للأسرة. ولو قارنا متوسط دخل الأسرة من فترة الثمانينات إلى اليوم نجد أن معدل دخل الأسرة ازداد عن السابق.

الرغبة في الاستقلال الفردي وفي ذات الوقت الانفتاح على العالم من خلال التعليم والسفر والانترنت زاد من الفضول الطموح للتفرّد والتميّز وبذلك طويت صفحة أن المسكن حاجة فقط, إلى صفحة جديدة من الرغبات.

ولا شك أن للبرامج الحكومية إسهام كبير في تغيير التوجهات لدى المجتمع، منها برنامج جودة الحياة ، التي تطلّع من خلالها السكان إلى نقل الجودة داخل وحداتهم السكنية. 

جميع هذه العوامل يجب على المسوق العقاري أن يضعها في الحسبان. 


التسويق العقاري الحديث

التسويق هو العمود الفقري للشركات التي يستند عملها على إنتاج خدمات أو منتجات عقارية وإحدى معايير نجاح الشركة في السوق هو مكانة التسويق لديها. وبعد البحث عن آخر تطورات التسويق العقاري لدى الشركات في العالم، وجدنا أن مَركب التسويق يمضي رحلته عبر ثلاث محطات ابتداءً بعملية البحث ودراسة المنطقة وتتبع سلوك العملاء وصولاً إلى إنشاء خطة تسويقية مستهدفة وإنتهاءً بالوسائل التسويقية المتخذة.


١) مراكز أبحاث التسويق

تضم المرحلة الأولى للرحلة التسويقية والتي تُعنى بدراسة قرارات المستهلكين اعتمادًا على الاقتصاد الكلاسيكي الجديد لاستخراج الأذواق والاحتياجات، بناءً على تفسير الدافع الحقيقي لسلوك المستهلكين والتنبؤ به مستقبلاً. 

يتناول فيه باحثون عقاريون دراسة التحولات الديموغرافية كقيم ومعتقدات وممارسات خارجية مؤثرة على مجتمع معين، مع إدخال علم النفس وعلم الاجتماع على نتائج الدراسات لإيضاح الأسباب الكامنة وراء هذه السلوكيات. وآليًا يتم تجميع هذه المعلومات من خلال المقابلات والاستبانات ومن قواعد بيانات وملفات مؤرشفة وغيرها من الطرق.


٢) الخطة التسويقية بنظام القيمة المضافة

في المرحلة الثانية تُستكمل في إنشاء خطة تسويقية فتعمل الشركات على تسويق العقارات بطريقة مبتكرة ومجددة لمفهوم التسويق، الخطط التسويقية عديدة لكن أشهرها التسويق بالقيمة المضافة وهي من أسرع الطرق لتسويق المشاريع العقارية المستخدمة في العالم، تركز عملها على رفع المبيعات واكتساب عملاء جدد بشكل ممنهج وعلمي عن طريق حملات تسويقية مغايرة عن الحملات التقليدية تحمل في طياتها قيمة مضافة للجمهور المستهدف بحيث لا يكون الإعلان نفسه عن المنتج لهدف الشراء والبيع فقط بل محاولة لمساعدة الجمهور في التغلب على التحديات أو تقديم حلول معينة.


٣) وسائل التسويق العقاري

البعض قد يختصر التسويق على المرحلة التي يتم فيها إطلاق المنتج، ولكن يجب بذل الجهد التسويقي والعمل بالأدوات إما عن طريق وسائط متعددة أو طرق تكنولوجية حديثة، بالإضافة للمعارض والبيع الشخصي، و منها:


    • VR تقنية الواقع الافتراضي

أصبحت الجولات الافتراضية هي الطريقة المفضلة لعرض خصائص العقار حققت ارتفاعًا في عدد الزيارات لسوق العقار حول العالم وتقوم هذه التقنية ببساطة بعرض كل ما تراه على الشاشة عن طريق قناة مخصصة متصلة بالحاسب الشخصي أو المحمول. والسبب الرئيسي في توظيف هذه التقنية في التسويق العقاري وجدوا أنّ 70 ٪ من الذين يستعملون الهواتف يفضلون مصادر المحتوى التي تقدم معلومات حقيقية بشكل واضح عن المنتج و أثبت الخبراء أن 35 ٪ منهم يشتري منزلًا دون زيارة الموقع فعليًا.


    • التصوير بتقنية 360°

عبارة عن تصوير بانورامي يتم تصوير المنتج العقاري في وقت واحد وفي كل الاتجاهات بدقة عالية، بحيث يمكّن الجمهور من الدخول للعقار والتجول بداخلها كأنهم هناك فعلا. مواقع بتقنية الذكاء الاصطناعي تمكّن من أتمتة العملية التسويقية العقارية وتُحفّز استعمال الوسائل بيسر وسهولة وفي وقت قصير، وتساعد المسوق العقاري على إنشاء أدوات فنية لإدارة المشاريع تربط المسوق بفريقه من البائعين والمصممين وغيرهم.


    • الوسائط المتعددة

يحتل محتوى الفيديو الرقم الأول في التشويق ومن أضخم أدوات التسويق إقناعًا و انتهجت الشركات العقارية في تسويق علامتها التجارية بإدخال الحس الإنساني والفكاهي والمشاركة المجتمعية في الافلام. ومع تدفق العالم على وسائل التواصل الاجتماعي فهي لم تعد مقصورة للدردشة مع الأصدقاء بل أدوات قوية يمكن استخدامها للأعمال أيضًا. إضافة إلى إنتاج كتيبات إلكترونية مصورة وشارحة لكل مضامين العقار بطريقة جذابة تجيب على كل تساؤلات المستهلك.


التوجه المستقبلي

إن الممارسات التسويقية الحالية للعقارات تتطور بشكل مسارع وهذا مُشاهد على أرض الواقع حيث تقوم وزارة الإسكان والمعهد العقاري دورًا مهمًا في جعل المسوقين العقاريين أكثر كفاءة ومنحهم الأدوات لدفع المسوقين لأداء مهام التسويق الفعلي. وما زلنا نلحظ أن المتعارف عليه أن دور المسوق يقتصر على جلب العملاء لمعاينة المنتج العقاري لإتمام الصفقة، و نشر الإعلانات بينما هذه وسائل تسويقية كما ذكرنا وهي جزء من عملية التسويق بأكملها. هذا قد يخلط المفهوم من دور الوسيط و دور المسوق. لذلك فإن الأنظمة الجديدة في المملكة العربية السعودية تتطور نحو سوق تخصصات تكميلية من حيث التمييز بين المسارين وتنظيم سوق العقارات. والجدير بالذكر أن شركات التسويق العقاري التي دخلت السوق من خلال التسويق العالمي واجهت تحديات، وجدوا أن الطرق التسويقية تختلف من مجتمع لآخر وليس شرطًا أن تتناسب مع سوق العقارات في المملكة العربية السعودية.


مقترحات

المملكة العربية السعودية تسابق العالم في التكنولوجيا واحتلت المراتب الأولى في مجالات عديدة وفي كل ميدان ترقى إلى رفع مستوى جودة الحياة ، وهذه هي الفرصة لأن يتفنن المسوق العقاري بأدواته التسويقية ويصل إلى مرحلة تواكب جريان التسويق الاحترافي في العالم والمهم هو تحقيق الهدف في فهم ما يريده طالبي السكن اليوم.


بعض الاقتراحات:


  1. تدريب المسوقين ومندوبي المبيعات على مراحل التسويق الثلاثة، وخاصة أن كادر التسويق العقاري في المملكة العربية السعودية موجود، و يمكنه بسهولة مواكبة التغيرات السريعة في سلوك العملاء.
  2. يمتد عمل المسوق العقاري إلى دراسات واستشارات ولا يقتصر دوره في التسويق المباشر مما يعني ضرورة وجود كوادر مؤهلة للقيام بهذا الدور الحيوي حيث أن نقص الخبرة قد يؤدي إلى التسعير الخاطئ وتبرز مشكلات في تسعير العقارات بالسوق.
  3. تعزيز الثقة لدى المستهلكين اليوم كونه العقبة الكبرى أمام سمعة المسوق خصوصًا أن قطاعًا واسعًا منهم يترقب أسعارا أقل للعقارات، وبالتالي فإن الشركات مضطرة لبذل جهود تسويقية أكبر تهتم بإيجاد قيمة مضافة لإخراج العملاء من حالة الترقب والحذر إلى مرحلة الشراء.
  4. فتح الباب للدراسة الأكاديمية والتطبيق الميداني للمسوقين العقاريين، ولا يزال السوق يدرك الحاجة إلى الخبراء، بالإضافة أننا بحاجة لكتاب يسعون لإثراء المحتوى التسويقي للعقارات. الدرس الأهم في التسويق العقاري هو أن القدرة على مواكبة التغيرات في السوق تؤدي دائمًا إلى النجاح، ومن المؤكد أن أولئك الذين يفضلون الأدوات التقليدية يتمتعون بحرية التجربة. لكن الأدوات التقليدية غير مناسبة في بيئة من شأنها تغير من سلوك أفرادها. نحن متفائلون لازدهار السوق العقاري في المستقبل القريب، واليوم ممتنون للأنظمة الجديدة التي ترفع من مهنية المسوق العقاري.

أضف تعليق

التعليقات (0)